على الرغم من المنافسة الشديدة بين أنظمة تشغيل الهواتف الذكية (مثل ابل و جوجل)، إلا أن الكثير من الشركات التي تقف وراء أنظمة التشغيل تلك، تجد أنفسها مرغمة على التعاون والتنسيق بين بعضها البعض، من أجل توفير مزايا مشتركة لمستخدميها، الأمر الذي يعزز قوة هذه الأنظمة ويجبرها على التعاون ومشاركة بعض المعلومات والإحصائيات وحتى الأكواد البرمجية بينها وبين بعضها البعض.
ولعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذا السياق: هل بالفعل تتنافس هذه الأنظمة بينها وبين بعض. تتناحر وتحاول الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من الحصة السوقية، أم أن هذه الأنظمة تقوم بالتعاون والتكامل مع بعضها البعض من أجل تحقيق مصلحة مشتركة واحدة وهي الوصول لأكبر قدر ممكن من المستخدمين؟ هذا هو السؤال الذي نحاول الوصول له والإجابة عنه من خلال سطور هذا التقرير.
نظام IOS .. اللعب على الخصوصية والثبات
من أهم النقاط التي يلعب عليها نظام IOS الذي تقدمه شركة ابل العملاق الأمريكي المتخصصة في صناعة وتسويق الهواتف الذكية حول العالم. تقدم الشركة نظام تشغيل يعتبر من أهم وأكبر أنظمة تشغيل الهواتف الذكية حول العالم.
وتلعب Apple على العديد من نقاط القوة التي يأتي بها نظام التشغيل الخاص بهواتفها الذكية. حيث يوفر النظام مستويات عالية من الأمان واحترام الخصوصية. بالإضافة لثبات النظام القادر على العمل لفترة طويلة دون الحاجة لإصلاح أو إعادة تثبيت.
ليس هذا فحسب. بل إن ابل تلعب دوراً مهماً في دعم التطبيقات المتاحة للتحميل من خلال متجر التطبيقات الذي تقدمه لمستخدميها. وتقوم أبل بمراجعة كافة التطبيقات التي يتم إتاحتها للتحميل من خلال متجرها، للتأكد من خلوها من أي أكواد ضارة أو إضافات قادرة على اختراق خصوصية مستخدميها أو العبث ببياناتهم الشخصية. وتعتبر هذه واحدة من أهم الأمور التي تتميز بها Apple عن نظام التشغيل أندرويد.
وتلعب Apple طوال الوقت على هذه المميزات من خلال الدعاية التي تقدمها لمستخدميها طوال الوقت، من أجل تشجيع المستخدمين على اقتناء الهواتف الذكية وأجهزة اللابتوب والأجهزة اللوحية والساعات التي تقوم بإنتاجها.
أندرويد.. متجر أكبر للتطبيقات وتكامل أوسع من الأنظمة
من ناحية أخرى لا يمكن التقليل من الدور والحصة السوقية التي يحتلها نظام التشغيل أندرويد في الأسواق التكنولوجية. حيث تلعب جوجل – وهي الشركة الداعمة والمنتجة لنظام التشغيل أندرويد- على فكرة أنها تقدم واحد من أكبر وأوسع متاجر التطبيقات حول العالم.
ويحتوي متجر التطبيقات الخاص بأندرويد على أكبر كمية من التطبيقات والقادرة على أداء الكثير من الأمور المفيدة والهامة للمستخدمين. سواء فيما يتعلق بالحياة اليومية أو العمل أو حتى تطبيقات التواصل الأجتماعي والدردشة وغيرها من التطبيقات في كافة المجالات.
لكن من ناحية أخرى يعاني متجر تطبيقات جوجل من انتشار الكثير من التطبيقات المضرة للمستخدمين. حيث يأتي التنوع الكبير في التطبيقات مع عيب خطير هو عدم قدرة جوجل على السيطرة والحفاظ على أمان مستخدميها بنسبة 100% حيث تأتي الكثير من التطبيقات الضارة والمخترقة لخصوصية المستخدمين.
ويوما بعد يوم تقوم جوجل بحذف الكثير من التطبيقات التي يثبت أنها ضارة بالمستخدمين، كما تقوم بتطوير أدوات الذكاء الصناعي القادرة على اكتشاف العيوب البرمجية بنفسها واكتشاف الأخطاء في التطبيقات التي يتم نشرها عبر منصاتها. كما تحاول جوجل يوما بعد يوم تطوير منظومة الخصوصية الخاصة بمنتجاتها الذكية، وتحسين تجربة المستخدمين عبر منصاتها المختلفة
وهكذا تركز جوجل طوال الوقت في دعايتها على عملية التكامل بين منتجاتها الذكية، وعلى رأسها محرك البحث الاشهر في العالم، وهو القاطرة التي تسحب عملية التطوير في جوجل، وتقوم بدعم باقي المنتجات الذكية التي تقدمها الشركة العملاقة.
التنسيق بين IOS وأندرويد
لكن من ناحية أخرى لا تجد أبل وجوجل بدا من التعاون بين بعضهم البعض من حين لأخر. من خلال دعم التطبيقات أو توفير بعض المميزات لتكون متاحة في العديد من التطبيقات الأخرى الخاصة بالنظام الأخر. لكن هذا التعاون لا يأتي من فراغ. فمن ناحية يفيد هذا التعاون المستخدمين للحصول على تطبيقات قادرة على العمل بشكل أفضل وسرعة أكبر، وتقديم المزيد من التسهيلات والتطويرات للمستخدمين.
ويعود هذا التعاون في تقديم الخدمات للتطبيقات على الفائدة لكلا الشركتين. وهذا من خلال العوائد التي تعود على الشركات من خلال الاعلانات وثمن شراء التطبيقات مدفوعة الأجر، وغيرها من الفوائد المالية والإعلانية التي لا يمكن حصرها، والتي تجعل شركتين من أكثر الشركات المتنافسة في العالم – أبل وجوجل- قادرين على نسيان خلافاتهما جانبا، والتعاون مع بعضهما البعض حتى إذا كان هذا التعاون يتم في الخفاء. أو بدون إعلان هذه التحالفات والتعاون بشكل علني وواضح صريح.
المنافسة بين ابل وجوجل
لكن على صعيد المنافسة الإعلانية، نجد أن كلا الشركتين يقومان بتنظيم العديد من الحملات الإعلانية المنسقة والمنظمة على أعلى مستوى. وتهدف هذه الإعلانات الى التركيز على عوامل القوة التي يتمتع بها النظام الخاص بها، ومن ناحية أخرى تقوم بانتقاد أنظمة التشغيل الأخرى والتركيز على الأخطاء التي تقع فيها والهفوات التي تصدر منها.
ولا تتوقف الأنتقادات على صعيد أنظمة التشغيل فحسب، بل أن أجهزة الهواتف الذكية نفسها تتعرض لانتقادات كثيرة. فبالتزامن مع إصدار هاتف Apple Iphone X الجديد الذي أصدرته شركة أبل، ظهرت العديد من الحملات الدعائية التي تنتقد منطقة Notch التي يأتي بها الهاتف. وجائت هذه الحملات من هواتف ذكية تحمل أنظمة التشغيل أندرويد.
لكن أبل لا تتوقف عن رد الصاع صاعين، حيث أطلقت من قبل حملة لتشجيع المستخدمين على الإنتقال الى هواتفها الذكية. وركزت على عناصر الخصوصية واحترامها والسرعة في الأداء والسهولة في تشغيل الهاتف وغيرها من الأمور التي تقول أبل أنها قادرة على توفيرها لمستخدميها.
ولا تتوقف الحملات الإعلانية التي تحاول طوال الوقت سحب البساط من تحت قدم كل شركة من الشركات من أجل تحقيق المزيد من الأرباح، وتشجيع المزيد من المستخدمين إما للإنتقال من أحد الشركات الى شركة أخرى، أو شراء هاتف ذكي جديد تماما ينتمي لنظام تشغيل الذي يتم عمل الدعاية له.
مستقبل العلاقة بين النظامين
ومن الواضح جليا أن مستقبل العلاقة بين IOS وأندرويد ستستمر في نفس النهج الذي تسير عليه اليوم. بحيث يكون العداء والمنافسة بين النظامين في العلن، بينما يتم عقد العديد من العلاقات والتنسيقات بين النظامين في الخفاء. سواء كان هذا التعاون يتم بالتراضي بين الشركتين، أو من أجل خدمة هدف أسمى هو زيادة المبيعات والتسويق بين الشركات ودعم انتقال المستخدمين بسهولة بين أنظمة التشغيل المختلفة.
وفي النهاية لا يسعنا سوى انتظار ما يأتي به المستقبل من أحداث، ومن ناحية أخرى يجب التنويه الى أن القارق بين نظامي التشغيل قد لا يكون كبيرا الى الدرجة التي تشي بها الإعلانات والدعايات المختلفة. ففي النهاية تحاول كل شركة سحب المستخدمين الى ملعبها، من أجل تحقيق المزيد من الأرباح ومن أجل الأستحواذ على قدر أعلى من المبيعات وعدد التحميلات وغيرها من الإحصائيات التي تقوم الشركات بنشرها والإعلان عنها باستمرار.