ماركات الموبايل

شهادة زوكربيرج أمام الكونجرس هل هي قبلة الحياة لفيس بوك؟

التصنيف : مقالات

عدد المشاهدات : 1939

يبدو أن الضجيج الذي أحدثته فضيحة تسريب البيانات الخاصة بملايين من مستخدمي موقع التواصل الأشهر على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية (فيس بوك)، يبدو أن هذا الضجيج لن يتوقف قريبا، ويبدو أن تداعياته ستستمر لفترة طويلة، خاصة بعد استدعاء صاحب ومدير الموقع مارك زوكربيرج، للشهادة أمام مجموعة من أعضاء الكونجرس الامريكي، ومتابعة الملايين حول العالم لجلسة الاستجواب والأسئلة والأجوبة التي أدلى بها زوكربيرج، والتي أثار بعضها السخرية، وأثار البعض الأخر الانبهار، بينما أثارت العديد من الأسئلة استياء مستخدمي موقع التواصل الأجتماعي الأشهر حول العالم.

لكن على الرغم من شعور العديد من المستخدمين بالاستياء، يبدو أن الاقتصاد له رأي أخر ومختلف، حيث عاودت أسهم فيس بوك الارتفاع مجددا بالتزامن مع شهادة زوكربيرج، فيما يبدو أنه انعكاس مباشر وسريع لأداء زوكربيرج الثابت أمام لجنة الاستماع من الكونجرس. ما جعل مفهوم (قبلة الحياة) يظهر بقوة على الساحة لوصف ما حدث أثناء شهادة زوكربيرج التي اعتبرها الكثير من المتابعين والمحللين شهادة تاريخية.

 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، هل أصبح استخدام الناس للفيس بوك بنفس الطريقة التي كانوا يستخدمونها به في الماضي؟ وهل الثقة بين العملاء وبين موقعهم المفضل التي تلقت منذ فترة قصيرة ضربة قاصمة ستعود لما كانت عليه بمجرد جلوس الشاب الثلاثيني والتلاعب بالألفاظ مع ممثلي الكونجرس؟

ولعل السؤال الأهم الذي نحاول الأجابة عليه من خلال تقريرنا: هل يكفي الاقتصاد والقيمة السوقية للأسهم وحدها لبناء تطبيق وموقع تواصل اجتماعي قوي وموثوق؟ أم أننا نشهد بشكل أو بأخر بداية نهاية واحد من أشهر وأكبر مواقع التواصل الأجتماعي الذي شهدها العالم مؤخرا؟

ما الذي حدث بالضبط

لمن لا يعرف جذور أزمة فيس بوك فهي تعود لموسم الانتخابات الأمريكية، حيث أعلنت أحدى الشركات أنها استطاعت شراء البيانات الخاصة بملايين المستخدمين من موقع فيس بوك من خلال تطبيقات الطرف الثالث التي تقوم بجمع المعلومات عن المستخدمين باستمرار. وقامت بتصنيف هذه المعلومات وفقا لدراسات علم النفس الحديثة، والتي تستطيع استنتاج والتنبوء بالعديد من التصرفات التي سيقوم بها البشر بناء على بعض الأختيارات البسيطة التي يقومون بها. ومن خلال هذا النموذج استطاعت الشركة أن تقوم بتوجيه أعلانات عبر وسائل الأعلام الحديثة (السوشيال ميديا) للمستخدمين حتى يستطيعوا التأثير فيهم نفسيا لصالح اختيار المرشح الرئاسي دونالد ترامب.

ومع أعلان هذه الشركة عن هذا الأمر قامت الدنيا ولم تقعد، وطالت الاتهامات الرئيس الأمريكي نفسه بالتلاعب باختيارات الناخبين ومحاولت توجيهها نفسيا، كما اتجت النسبة الاكبر من الأتهامات الى مارك شخصيا، بصفته المسئول عن توجيه هذه البيانات لصالح شركات الطرف الثالث، وعدم قدرته على السيطرة على بيانات المستخدمين الذين أودعوها فيس بوك وكلهم ثقة أنه لن يتم تسريبها الى اي أطراف أخرى، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما.

كيف واجهت فيس بوك الأمر؟

في البداية حاول مارك زوكربيرج نسيان الأمر تماما والاستمرار في نفس سياسته الخاصة بتشغيل موقع فيس بوك، لكن حدة الأتهامات كانت قوية هذه المرة، وظهر الكثير من الأشخاص الفاعلين في مجال السوشيال ميديا داعين الناس لمسح تطبيق فيس بوك من هواتفهم وانهاء علاقتهم به، الأمر الذي أثر على قيمة فيس بوك السوقية وسعر الأسهم الخاصة به بشكل كبير في الأسواق، الأمر الذي استلزم في النهاية أن يقوم مارك برد فعل ازاء كل هذه الأتهامات المتعاقبة، وجاء رد الفعل من خلال الظهور في مقابلة تليفزيوينة والاعتراف أمام الجماهير بأن فيس بوك ارتكبت أخطاء ولم تستطع السيطرة على طوفان المعلومات الوارد اليها، وأنها ربما سمحت بطريق الخطأ لشركات أخرى بالوصول لمعلومات لم يكن مقدرا لها الوصول اليها دون وجود فيس بوك.

وعلى الرغم من أن هذه الاعترافات كانت كفيلة بانهاء الأزمة، إلا أن العديد من الأشخاص حول العالم اتهموا زوكربيرج بالمماطلة والأهمال بحق سرية وخصوصية البيانات الموجودة لديه، وأن كان من المفترض أن يكون أكثر حرصا على سرية البيانات التي أستأمنه عليها ملايين المستخدمين حول العالم الأمر الذي أوصلنا في النهاية للمقابلة الشهيرة مع أعضاء الكونجرس الأمريكي، وطوفان الأسئلة التي أظهر الكثير منها مدى جهل أعضاء الكونجرس نفسهم بالتجربة الألكترونية التي يقدمها مارك من خلال موقعه.

استفادة المنافسين

لكن من ناحية أخرى قام الكثير من منافسي فيس بوك بمحاولة الاستفادة من هذا الأمر، حتى أن مارك نفسه حاول القاء اللوم على أطراف تكنولوجية أخرى مثل شركة أبل مثلا، العملاق الأمريكي المتخصص في صناعة وتسويق الهواتف الذكية والتطبيقات الحديثة، والتي كان مارك بصدد الاستشهاد بحادثة اختراق سيرفراتها الخاصة بخدمة Icloud وسرقة العديد من الصور الخاصة لشخصيات أمريكية وعالمية هامة وتسريبها على الأنترنت، وظهر هذا الأمر من خلال تصوير ورقة كانت أمام مارك أثناء استجواب الكونجرس الأمريكي له. الأمر الذي فسره الكثير من المراهقبين على أنه محاولة من مارك لألقاء اللوم على أطراف أخرى قد لا يكون لها أتصال مباشر بهذه الأزمة.

لكن من ناحية أخرى لا يمكن أن ننكر بحال من الأحوال أهتمام العديد من المواقع المنافسة لفيس بوك مثل تويتر مثلا أو جوجل بلاس، وهي خدمة تقدم تجربة اجتماعية منافسة لتجربة فيس بوك وان لم تستطع تحقيق نفس النجاح الذي استطاع مارك تحقيقه من خلال موقعه، كل هذه المواقع ستستفيد بالهجرة الجماعية التي قد تحدث من فيس بوك، واليوم بدأ العديد من المستخدمين فعليا في التفكير في هجران فيس بوك الى الأبد لصالح هذه المواقع الأخرى، الأمر الذي قد يؤثر على فيس بوك في المدى المتوسط الى الطويل.

مستقبل فيس بوك

ونحاول هنا أن نفهم قليلا كيف سيكون المستقبل بالنسبة لفيس بوك، حيث تقول التوقعات أن الضربة الأخيرة قد لا تكون النهائية والقاصمة في مسيرة موقع التواصل الأهم والأول على مستوى العالم، لكن من ناحية أخرى لا يمكن الاستهانة بما حدث أو الاستخفاف به، حيث أصبح ملايين المستخدمين حول العالم اليوم أكثر حذرا من مشاركة معلوماتهم الشخصية على وسائل التواصل الأجتماعي، وأكثر حذرا من الأدلاء بأي معلومات تفصيلية أو حقيقية حول ميولهم أو محل سكنهم أو حتى ارقام هواتفهم أو أرقام اثبات الهوية وما يتبعها من معلومات مالية أو أرقام حسابات البنوك والكريدت كارد وغيرها من البيانات الحساسة.

وأصبح الكثير من المستخدمين اليوم أكثر فهما لمعنى الخصوصية وأهميتها وتأثيرها، لكن في اعتقادنا أن هؤلاء المستخدمين سيظلون مشتركين في شبكة فيس بوك، مع الاهتمام باستكشاف المنافسين وفتح حساب في هذه المواقع مثل تويتر وجوجل وغيرها، وفي نفس الوقت لن تعود الثقة بين المستخدمين وبين فيس بوك من جديد الى سابق عهدها وأن كثيرا من المياة ستجري في المستنقع التكنولوجي الذي صار يتطور يوما بعد يوم، وأننا بالتأكيد تعلمنا أن حتى الديناصورات العملاقة انقرضت بسبب عدم قدرتها على التكيف مع متطلبات العصر، وأن فيس بوك وأن كان قد حصل على قبلة حياة أخيرة، إلا أنها لن تنفعه اذا ظهرت في الأجواء فضيحة جديدة مدوية.

التعليقات



    كن اول من يضع تعليق !