لماذا يفضل المجرمون استعمال الهواتف القديمة؟
لماذا يفضل المجرمون استعمال الهواتف القديمة؟
قد تلاحظ في الكثير من الأحيان، عندما يتم إلقاء القبض على أحد المجرمين يكون دائمًا بحوزته هاتف قديم، وهذا يطرح مجموعة من التساؤلات حول علاقة هذه الهواتف بالأعمال الإجرامية التي يقوم بها المجرمين والمافيا في العالم، ولماذا لا يفضلون الهواتف الذكية الحديثة ذات المواصفات التقنية الحديثة والمتقدمة بدلًا منها؟ وهذا ما سنعرفه من خلال مقالتنا اليوم.
في حقيقة الأمر، هناك العديد من الأسباب التي تجعل المجرمين يفضلون استعمال الهواتف القديمة ، وهذه الأسباب قد تختلف أهميتها حسب وعي المجرم بالمجال التقني كما تعتمد أيضًا على خطورة المجموعات التي تعتمد على هذا النوع القديم من الأجهزة في الإتصال.
بطارية الهاتف:
فالنقطة الأولى التي تجعل المجرمين يتسارعون وراء اقتناء الهواتف القديمة، هي بطارية الهاتف، حيث تستطيع بطاريات الهواتف القديمة الصمود حتى أسبوع من الاستهلاك، بالإضافة إلى شكلها الصغير; والذي يسهل على المجرم حملها معه في أي مكان وأثناء أغلب المطاردات.
صعوبة الاختراق:
إن الهواتف القديمة لا يمكن إختراقها والتجسس عليها كما هو الأمر بالنسبة للهواتف الذكية، حيث يمكن في الهواتف الذكية إرسال برامج ضارة عن بعد تمكن من جعل الشرطة العلمية (الفنية) من اقتحام هاتف المشتبه به والتجسس عليه، و أضف إلى ذلك، أنه لا يتوفر عليها خاصية الـ GPS، وهو الأمر الذي يصعب من عملية تتبع الهاتف على عكس الهواتف الذكية التي تتوفر عليها هذه التقنية في تحديد الأماكن عن طريق الأقمار الإصطناعية.
وهذا يصحبنا إلى حادثة سابقة، عندما كشفت صحيفة ” وول ستريت جورنال ” أن السلطات الأمريكية وضعت برنامج للتجسس على الهواتف النقالة من خلال طائرات صغيرة مجهزة بآليات لنفس الغرض، حيث تحلق هذه الطائرات في أرجاء البلاد بهدف تحديد مكان وجود المجرمين بحسب الصحيفة، إلا أن وزارة العدل رفضت التعليق على هذا الخبر.
وذكرت الصحيفة أن السلطات الأمريكية أقامت شبكة تجسس بواسطة طائرات تحصل على معلومات من الهواتف النقالة لعشرات آلاف الأشخاص، وذلك في محاولة لتحديد مكان وجود مجرمين واعتقالهم، وذكرت أيضًا الصحيفة أن السلطات تقوم بتشغيل طائرات صغيرة انطلاقا من خمسة مطارات كبيرة في الولايات المتحدة على الأقل، تقوم بنقل صناديق ترسل إشارات شبيهة بتلك التي ترسلها أبراج شبكات الهاتف النقال، وبذلك، يتم وصل الهواتف بهذه الصناديق التي تجمع المعلومات المطلوبة، بحسب المصدر نفسه.
ونقلت الصحيفة أيضًا في وقتها عن مصادر لم تحددها قريبة من هذا البرنامج، أن الطائرات المذكورة تحلق في أجواء البلاد في شكل منتظم لجمع معلومات من عشرات آلاف الهواتف النقالة، مما يعني أن غالبية السكان الأمريكيين تطاولهم هذه العملية، كما أضافت أن وزارة العدل رفضت التعليق على الموضوع، مكتفية بالتأكيد أن الوكالات التابعة لها تلتزم القانون في كل ما يتصل بالمراقبة والتجسس , بحسب ” دي برس “، وتابعت أن هذا البرنامج أتاح كشف أمكنة هواتف نقالة على صلة بمجرمين أو بمشتبه بهم.
وقال في وقتها مسؤول التكنولوجيا في الاتحاد الأمريكي للدفاع عن الحريات كريستوفر سوغوين لجريدة وول ستريت أن هذا البرنامج ” لا يمكن تبريره “.
عملية التتبع بعد الشراء قد تبدو مستحيلة:
بعض المجرمين يشترون الهواتف القديمة و يقومون باستعمالها مع ارقام هاتفية بدون فاتورة كي لايتم تتبعهم من طرف الشرطة، حيث ان الرقم الهاتفي غير معروف مالكه ( لأنه بدون فاتورة ) وكذلك الهاتف أيضًا، لان اغلب تلك الهواتف تكون مستورد من الخارج وتباع في السوق السوداء، مما يجعل الوصول إلى مالكه أمرا مستحيلا.
وهو الأمر الذي يأخذنا إلى قضية هامة، ألا وهي، هل يحق للشرطة والحكومات التنصت على المكالمات الخاصة تحت غرض حماية الآخرين؟
فقد بدأت أعمال التنصت على الاتصالات منذ أن تم إقامة شبكات هاتفية، وكانت تعتمد على تقنية بسيطة وغير معقدة، وذلك بوصل سلك على الخط المراد التنصت عليه في التليفون، ومع تطور وتنوع الاتصالات، انتقلت إلى تقنية التنصت عن طريق التقنية الرقمية، وخاصة بعد انتشار الهواتف النقالة، رغم أن البعض كان لديه اعتقاد بأنه يستحيل مراقبة هذه الهواتف النقالة أو التنصت عليها، لأنها تستعمل نظام (GSM).
وفي البداية بدأت عملية التنصت بواسطة وكالة المخابرات الأمريكية CIA، وذلك بوضع رقائق صغيرة داخل هذه الهواتف لمراقبتها، ومع تطور العلم بمجال الاتصالات، أصبح كل ما في الهواء عرضة للتنصت والالتقاط،
وقد استطاعت إحدى الشركات الألمانية شركة (Rode & Schwarz) تطوير نظام أطلقت عليه اسم (IMSI–Catcher) اختصار ل(International Mobile Subscriber Identity) وتمكنت من خلاله اصطياد جميع الإشارات من الهواتف وقلبها إلى كلمات مسموعة.
ولم تكتف المخابرات الألمانية باختراق المكالمات الجارية بالهواتف النقالة، بل بمعرفة مكان المتحدثين بها أيضا، فطورت جهازا إلكترونيا تستطيع بواسطته استخدام الميكروفون الموجود في الهاتف النقال لكي ينقل جميع الأصوات والمحادثات الجارية حوله، ثم انتقل هذا النظام لوكالة NSA ووكالة CIA الأمريكتين.
ومن اللافت القول أن التقنيات الهائلة التي تم الإعلان عنها بل واستخدامها من قبل الشركات التجارية والتكنولوجية في إسرائيل ومختلف أرجاء أوروبا تعتبر تقنيات مستهلكة وقديمة قياساً بتلك التي تستخدمها أجهزة المخابرات العالمية التي تبذل كل ما تستطيع للحفاظ على سريتها منعاً لتجنب أضرارها بالحرب على من تسميهم المنظمات الإرهابية أو الدول المارقة أو حتى الدول الصديقة، ولا يتم تداولها تجارياً إلا بعد استنفاذها واكتشاف طرق للتنصت أكثر حداثة ودقة.
وقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة التي نعرفها والتي لا نعرفها التنصت والاختراق للعمل السري التنظيمي، لأن التكنولوجيا التي نستخدمها حاليا هي بالنسبة لتكنولوجيا الاستخبارات تبعد بفارق زمني يقدر بعشر سنوات مضت؛ وذلك لأن أي تطور تكنولوجي لا يُسمح بالكشف عن سره ولا يُعرض للاستعمال، بل يظل حكرا لاستعمال أجهزة المخابرات إلى أن تستنفده أجهزة المخابرات ويصبح قديما وتحل محله تكنولوجيا أكثر تقدمًا، عند ذلك فقط تُعرض تلك التكنولوجيا للاستعمال التجاري أو للاستعمال العام، أي أن أحدث ما نشاهده اليوم من الأجهزة الاستخبارية ونظم الاتصالات هي أجهزة ونظم مضى على استعمالها مدة عشر سنوات أو أصبحت قديمة بالنسبة إليهم.
رئيس فريق التكنولوجيا في شركة ” موبايل موميرس” كولن باتست قال في إحدى المجلات المتخصصة في بريطانيا أن كبريات شركات الهاتف النقال تقدم خدمة تجارية تمكن أي مواطن في أوروبا من معرفة مكان حامل أي هاتف نقال مقابل مبلغ مالي، بحيث يستطيع الآباء أن يعرفوا مكان أولادهم والعكس كما يستطيع أصحاب المطاعم والفنادق توجيه أصحاب الهواتف النقالة الذين يقتربون من محلاتهم إلى مواقعهم بمجرد وصول حامل النقال إلى المجال الحيوي الفندق أو المطعم الذي يرغب في جلب زبون.
كما تمكن هذه الشركات صاحب الهاتف النقال من التعرف على أصدقاء له في المكان الذي يتواجد فيه عبر طلب هذه الخدمة من الشركة، بل وتمنح شركة Verilocation البريطانية زبائنها على شبكة الإنترنت خريطة تفصيلية لمكان تواجد حامل الهاتف النقال وذلك عبر نظام GPS والذي كان سابقًا محصور في الاستخدامات الحربية و العسكرية فقط.
تقنية التنصت على الاتصال:
من المعلوم أنه بمجرد أن تفتح الهاتف لتتصل فإنه بالإمكان التنصت عليك وتحديد الجهة التي تتصل منها و تحديد موقعك بدقة متناهية، لأن الهاتف يعتمد في الاتصال على الأقمار الصناعية، ويتعامل مع خطوط الطول والعرض، فيحدد إحداثية المتصل بدقة تصل إلى عشرات السنتمترات، مما يسهل تحديد موقع الاتصال بدقة.
ويظن البعض أن الهاتف في حالة إغلاقه، لا يبث أي معلومة، وبالتالي لا يمكن التنصت عليه، ويعتبروا بأن لا داعي لفصل البطارية أو نزع الشريحة، ويكفي إقفال الهاتف، إذ أن المقصود من إقفاله هو منع نقل الصوت، لأن الصوت لا ينتقل في غير حال الاتصال، فإذا أغلقت الجهاز فقط لا يمكن التنصت لأن الإشارة التي يبثها موقع الهاتغ هي إشارات (بيجينق) يعني الجرس، وبعض الإشارات التي تسمى فنيا (signaling) والإشارات التي يأخذها الموقع من الجوال هي إشارات (سينجالينج) فلا تقوم إلا بإعطاء المعلومات الخاصة بالشريحة الخاصة بالجهاز والمستخدم، وهذه الإشارات لا تستطيع نقل مكالمات أو حتى أصوات في حال عدم عمل مكالمة، وإذا أجريت مكالمة تقوم هذه الإشارة وتحول مكالماتك إلى إشارات تسمى (إشارات هاتفية) تحمل أصوات يمكن سماعها والتنصت عليها، وتحديد بصمة الصوت فيها.
ولكن البعض الأخر يعتقد أنه يمكن التنصت على الهاتغ حتى لو كان مقفل لوجود البطارية أو الشريحة المشحونة بالطاقة التي من خلالها يمكن التعرف على المعلومات المخزنة والمنقطة والجهة التي أنت متواجد فيها، وهذا ما أكدته شركة أريسكون من خلال تجاربها وبرامجها مع المخابرات السويدية “سيبو” التي أثبتت أنه يمكن التجسس على الهاتف بمجرد وجود البطارية أو الشريحة فيه، حتى لو كان في حالة عدم اتصال.
التعليقات
You must be logged in to post a comment.
كن اول من يضع تعليق !